هل تابعت صورة حسام البدري مدرب الأهلي منذ احراز الهدف الثالث حتي خرج من الملعب؟؟
هل لاحظت غزارة الدموع التي كانت تخرج من القلب؟؟
البكاء أنواع .. البعض يسمي هذه الدموع "دموع الفرح" ولكن عادة دموع الفرح تكون مختلطة بالضحك والابتسام بل أيضا بالزغاريد!! ولكن قسمات وجه حسام البدري كانت تدل علي شيء آخر جربته بنفسي عدة مرات خلال رحلة الحياة!!
اسمحوا لي ان اسميها "دموع عدالة السماء".. حينما يشعر المرء بالاحباط والظلم والقهر بلا سبب ولا يستطيع ان يدافع عن نفسه.. ويشعر في نفس الوقت بشماتة البعض.. رغم انه لا يكن لهذا البعض أي عداء.. بل لعله صاحب فضل عليهم.. وتتوالي الظروف المعاكسة ويشتد حولك الظلام.. وفجأة.. بلا أي توقع تنزل عدالة السماء من حيث لا تحتسب.. هنا لا يملك الا ان تبكي أنهارا وأنهارا!!
لقد لقي حسام البدري خلال الأيام والأسابيع السابقة لهذه المباراة طعنات من الخلف بل ومن الأمام أيضا!!! بكل بجاحة!! وأنت لا تستطيع أن ترد.. وفي مباراة فاصلة ينتظرها اعداء النجاح تمر الدقائق وتزداد الدنيا ظلاما في وجهك.. وفجأة تهبط عدالة السماء.. فكيف لا تبكي.. كل دمعة تحمل الحمد لله والثناء والشكر لله العلي العظيم.
مررت بنفس التجربة.. أكثر من مرة.. لعل أقصاها حينما كان يقف ورائي صلاح نصر وحسن عليش وطلعت خيري.. والسياط تنهال علي ظهري أمام الحائط الأبيض اياه الذي وصفته للصديق علي بدرخان حينما كان يخرج فيلم "الكرنك" لم تنزل دمعة واحدة من عيني.. وحينما القي بي في المعتقل كان المقرر أقضي فيه بقية عمري رغم انني أيامها كنت في الثلاثينيات!! ثم فجأة الكل في خدمتك لترتدي خير الموجود.. سيارة الرئاسة في الخارج في طريقك إلي قصر الطاهرة.. الملك حسين رحمه الله توسط لك.
منذ ركوبي السيارة إلي قصر الطاهرة ومن القصر إلي منزلي لم استطع ان اكف عن البكاء.. بل ازددت بكاء في حضرة الملك العظيم هذه هي "دموع عدالة السماء"
والدموع التي لا تنسي أيضا دموع محمد لطيف حينما فقد في مفاجأة غريبة للغاية ابنته الشابة في لندن.
كان يبكي في الطائرة خلال رحلة العودة وابكي كل الموجودين.. وبكي كما لم يبك من قبل خلال الجنازة والعزاء.. وبكينا جميعا.. بل بكت مصر كلها معه.. فهو الذي أضحك الملايين سنوات طويلة.. فكانت دموعه أغلي دموع اذكر ان مانشيت "الجمهورية" كان "أغلي دموعي".. رحم الله الجميع!!