(لم أدرى ما الذى جذبنى لهذا الشيء، بل لم أدر أصلا ما هذا الشيء ،كل ما أعرفه أنني أجرى وراءه 10 سنوات من عمري،10سنوات أجرى وراءه ولا أعرف ما هيئته ،أعرف أنني فقدته أياماً هذه الأيام كنت فيها في قمة السعادة ،أفقده يوماً و يومين وأحياناً أخرى أسبوع أو ثلاثة أو أربعه أسابيع ،ولم أفقده أكثر من ذلك ،في كل مره يأتيني أعرض عنه إلا في المرة الأخيرة كنت أذهب إليه رغماً عني).
في هذا اليوم ذهبت إلى شاطئ البحر أناجى أمواجه العاتية أملأ صدري من هواءه النقي صباحاً، والقي بنفسي في حضنه الحنون، جلست على الكورنيش استنشق الهواء العليل وقد أعطيت ظهري للغادي والرائح فقد كنت انشد التركيز، وجلست أفكر.
آآآآآه لقد مر كل هذا العمر و......... وفجأة لمحت ذلك الشيء أعتقد أنني أراه الآن ،انه شبح مخيف ولكنه جميل من بعيد فقط من بعيد ،فلو اقتربت منه تظهر تلك الصورة القذرة والرائحة العفنة ،تماما كالسراب (يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه )ولم قاوم هذه المرة ، خرجت من عزلتي واتجهت إليه أركض والعجيب انه هو من يهرب لا أدري لماذا هرب اعتقد انك تركت شيئاً ورائك تركتني لا تتركني أريدك وظل يجري ويجري إلى أن تركنا الرمال
وجرينا ...............وجرينا ................وجرينا .................
هبط الليل مضاء بنور القمر، كلؤلؤ في صفحه السماء وبابتسامته الخلابة ليله تمامه.
وفى ذلك الشارع لم أجد له ضوء وأخيراً استطعت أن امسك به،من أنت لماذا تلاحقني و اليوم تهرب مني ،التفت إلي ذلك الشيء وظهر لي وجهه بابتسامة مقيتة ألا تعرفني انظر جيداً أنظر ودقق ألا تعرفني أنا صدر تلك المرأة وفخذها، أنا ذلك الدخان المملوء بالقطران، أنا ذلك الصوت ، صوت ذلك المطرب المشهور ، أنا تلك السيارة الفخمة ، أنا الخمر والدم أنا المال والأولاد ، أنا الذنب يا أحمق ، تلهثون جميعا ورائي أسحركم بتلك الهالة والسراب الخارجي ،
لقد تعاهدت أنا وإبليس عليكم يوم المعصية والرفض الأكبر ،ولا أدرى ما سر انبهاركم ولهاثكم وراء ذلك الشيء المستدير الذى لو ظهر لك كاملا لنفرت منه أتدري لماذا ؟ لأنها عوره سوءه تسوء من ينظر إليها ،والحمقاوات فقط هن من يفرطن في عزتهن ويظهرنه، وهذا الدخان الذى لا يوجد في مكان إلا أختنق كل من فيه ، أو حتى تلك الحسناء الفاتنة ،أما تدرى أنها تعانى الحيض ،ألا تدري أنها تبول وتغوط ،ألم تراها حين تستيقظ من نومها؟ ،الأفضل ألا تراها ،وذلك المزمار الشيطاني كيف تستغني به عن بكلام الله ،وحتى تلك السيارة الفخمة حادثه صغيره وتصبح خردة لا تباع بأرخص الأثمان .
أما ألاحقك حتى تقع في شباكي فإذا وقعت لن تفلت أبداً، طاردتك سنه ونصف، سنه ونصف أزرع لكي أحصد ما تبقي من عمرك أتذكر يوم وفاه عمك أتذكر يوم أن جاء الرفاق إلي بيتك أتذكر ذلك اليوم وذاك.
لكنك سرعان ما تتوب وهذا ما يرهقني معك انك تتوب ،قد تقع في الذنب مره أخري ولكنك سرعان ما تتوب ،مهما حاولت أقناعك ألا فائدة من التوبة تتوب ثم تعود ثم تتوب وتعود
ثم تتوب وتعود وتعود وتعود لكن في يوم من الأيام سأقضي علي تلك التوبة حتى أجهز لشبكه صيد أخرى
ولم أعد أحتمل كلامه السخيف بعد ،كلا إنك لن تعيش لتصيد غيري لاااااااه وانتابتني حالة من الهياج العصبي وأنهلت عليه ضربا ً حتى فقدنا توازننا وسقطنا، لا لقد سقطت وحدي بل لم أكن أضربة أصلا ً ، كنت اضرب الهواء ومددت بصري إلي نهاية الشارع لمحت وجهه على ضوء المصباح ووجدته يبتسم تلك الابتسامة المقيتة ،وأعطاني ظهره وولى ،وبعدها تنبهت إلى صوت مألوف سمعته قديما ً مرارا ً صوت المؤذن.الله أكبر الله أكبر ....... حي على الفلاح .
وكان المسجد قريبا ً ،وبخطوات قليلة لكن ثقيلة ذهبت ،يصدني الشيطان ويحرضني على الرجوع لكنني لم أتراجع ،دخلت المسجد وتوضأت وصليت تحية المسجد وجلست أقرأ القرآن ويا لها من آيات صعبة (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة ٌ غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) وجلست أتفكر ما قرأت و.... قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر اله أكبر لا إله إلا الله .
تنبهت إلي صوت المؤذن قمت فحضرت الجماعة وسمعت مع الملائكة (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ً إنه هو الغفور الرحيم ).
وبعد الصلاة جلست أستعيد ذكريات عُمر، ذكريات عمري كله، مرت أمامي كشريط، الطفولة، المرحلة الابتدائية، اللحظات البريئة، المرحلة الإعدادية، الدراسة الثانوية، الجامعة، التجنيد، العمل.... تلك الدوامة القذرة
خرجت من المسجد ورجعت ، لا أدري كيف قطعت كل تلك المسافة خلف ذلك الشيء القذر ،عدت إلي أحضان البحر الحنون ، وفي ذلك الوقت كانت الشمس تفتح عينيها ليوم جديد وذلك الضوء الخافت مع شاطئ البحر وجلست أفكر فيما قاله الشبح وأفكر ولم أفق إلا على حرارة الشمس اللافحة وصوت من بعيد ، ومن بعيد لمحت صدراً وفخذاً وذلك الشبح يبتسم ،لا ،لا أريد العودة ورحت أجري وأجري حتى جثوت على ركبتي من فرط التعب لاااااااااااااا ،ولكن من جديد لمحته بابتسامته المقيتة...........
ومن جديد....... رحت أجرى وراءه.