علوم القرآن المستوى الأول
المحاضرة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في الدرس الأول من دروس علوم القرآن في هذا الفصل الدراسي قدمنا بذكر المباديء العشرة التي يحتاجها طالب العلم للدخول في أي فن من فنون العلوم الإسلامية، وواصلنا الحديث حتى وصلنا إلى نشأة مدارس التفسير وفي بداية الحلقة وضعنا سؤالين لكم جميعاً- أيها الإخوة المشاهدين- ولإخواننا أيضاً من الحاضرين للإجابة عليها.
كان هذين السؤالين أحدهما يقول: من أول من ألف في علوم القرآن بالمصطلح المعروف؟
فإذا كان لأحد إجابة فليتفضل بها.
{ يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أول من ألف في علوم القرآن بالمصطلح المعروف هو علي بن إبراهيم المعروف بالجوفي المتوفى عام أربعمائة وثلاثين من الهجرة فقد ألف كتاب البرهان في علوم القرآن والله أعلم
الإجابة الأخرى: يقول: إن أشهر كتاب في علوم القرآن لم أستطع الوقوف عليه لكن من أشهر الكتب كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي وكتاب فنون الأثمان في عجائب علوم القرآن لابن الجوزي وكتاب مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان
الأخ يقول: إجابة السؤال الأول: أول من ألف في علوم القرآن بالمصطلح المعروف هو ابن الجوزي حيث ألف كتابه فنون الأثمان في علوم القرآن وألف أبو شامة المتوفي في سنة 665هـ كتاب سماه المرشد الوجيز فيما يتعلق بالكتاب العزيز.
جواب السؤال الثاني: أشهر كتاب في علوم القرآن: السيوطي -رحمه الله تعالى- وضع كتابه الحافل الذي جمع كل ما كتب من قبل وفي الأصل حديث الشيخ الزرقاني -رحمه الله تعالى- ، نسمع تعليقكم أي الإجابات أصح}.
إجابة الأخ الأول يقول: إن أول من ألف في علوم القرآن بالمصطلح الحديث هو علي المعروف بالحوفي ذكر أنها الجوفي والصحيح أنها الحوفي، هذا من علماء القرن الخامس الهجري والصحيح أن هذا ليس هو أول من ألف في علوم القرآن الكريم ذلكم أن كتابه على الصحيح ليس اسمه البرهان في علوم القرآن، وإنما اسمه: الصحيح[وإنما اسمه الصحيح:] البرهان في تفسير القرآن الكريم، أما إجابته الثانية فأشهر كتاب في علوم القرآن هي ما ذكره الأخ فقد أصاب الإجابة، أشهر كتب علوم القرآن على الإطلاق وعليه المعول فيمن جاء بعده هو الإمام السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" فإجابة الأخ هذه صحيحة. أما الأخ الآخر عندما ذكر أشهر مؤلفي علوم القرآن ذكر فنون الأفنان نقول: ليس الأمر كذلك، أو أول من ألف في علوم القرآن قال: إنه ابن الجوزي في فنون الأفنان نقول: إن ابن الجوزي من علماء القرن السادس الهجري وقد تقدمه بعض العلماء كما سيأتي - إن شاء الله تعالى- تعالى.
{تقول: أول من ألف في علوم القرآن هو ابن الجوزي وكتاب فنون الأفنان وأشهر كتاب هو الإتقان في علوم القرآن للسيوطي }
إجابتها الثانية صحيحة أما الأولى فليست كذلك.
{تقول أول من ألف في علوم القرآن هو السيوطي في كتابه الإتقان وأشهر الكتب الإتقان في علوم القرآن ومباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان}.
إجابتها الثانية صحيحة وأما الأولى فليست كذلك فقد تقدم السيوطي علماء كثيرون جداً كتبوا في علوم القرآن بالمصطلح المعروف.
{ يقول: إجابة السؤال الأول: على بن إبراهيم الحوفي ثم ابن الجوزي وإجابة السؤال الثاني الإتقان في علوم القرآن للسيوطي}.
تقدم الإجابة على مثل هذا الجواب وبينا أن الإجابة الأولى خاطئة والثانية صحيحة.
{تقول: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي -رحمه الله تعالى }
كذلك نقول في إجابة هذه الأخت.
بقي هذا السؤال لم يجب أحد عليه سنجيب عليه - إن شاء الله تعالى- في هذا الدرس بإذن الله -جل وعلا.
أما أشهر الكتب فكما ذكر الإخوة من أن أشهر كتب علوم القرآن هو كتاب "الإتقان في علوم القرآن" للإمام السيوطي -رحمه الله تعالى- والإمام السيوطي -رحمه الله تعالى- ألف -كما سنبين- كتابين في علوم القرآن أشهرهما كتاب الإتقان وهذا الكتاب جمع فيه كثيراً مما كتب قبله في علوم القرآن فأصبح موسوعة علمية في هذا الشأن،
لدينا أسئلة في الدرس الماضي السؤال الأول يقول: هل اسم القرآن جامد أم مشتق؟
تحدثنا بالأمس عن كلمة القرآن وقلنا: من العلماء من يقول: إنها جامد ومنهم من يقول: إنها من المشتقات فما هو الصواب من هذه المسألة؟
{الصحيح الذي عليه جمهور الفقهاء أن لفظ القرآن مشتق وليس بجامد.}
الصحيح أن لفظ القرآن مشتق وليس بجامد.
السؤال الثاني: ما هي المباديء العشرة للعلوم؟
تحدثنا في الدرس الماضي عن المباديء العشرة للعلوم فمن يذكرها على سبيل العد ولست أقصد بذلك تلك الأبيات التي رددناها في الدرس الماضي؟
{المباديء العشرة: الحد والموضوع والثمرة ونسبته وفضله والواضع الاسم والاستمداد حكم الشارع ومسائل الفن}.
هذه هي مباديء الفنون التي تدرس في بداية كل علم، وبالأمس لم يبين معنى كلمة ونسبته، يعني هذا العلم ينسب إلى أي العلوم؟ فعلوم القرآن تنسب إلى علوم الشريعة، فعلم التشريح مثلاً ينسب إلى علم الطب وهكذا المقصود إلى أي شيء ينتسب هذا العلم نقول ينتسب إلى علوم الشريعة.
السؤال الثالث: ما أسماء هذا الفن؟ من يجيب؟
{أسماء هذا الفن يسمى علوم القرآن الكريم وأصول التفسير وقواعد التفسير }
أحسنت. يسمى علوم القرآن الكريم ويسمى أيضاً أصول التفسير ويسمى قواعد التفسير بمعنى أنك تجد بعض الكتب وجد عنوان لها بهذه الصورة لكن داخلها هو في علوم القرآن مثلاً الشيخ ابن عثيمين له كتاب اسمه أصول التفسير أو مقدمة في أصول التفسير وهي حقيقة في علوم القرآن فعلينا أن ننتبه إلى هذا الأمر ولأجل هذا ذكرنا هذه القضية في مباديء علوم القرآن الكريم.
السؤال الأخير الذي نختم به: ما موضوع علوم القرآن الكريم؟
{موضوع علوم القرآن هو القرآن الكريم من حيث بيان نزوله وجمعه وكتابته وناسخه ومنسوخه }.
أحسنت. موضوع علوم القرآن هو القرآن يعني البحث في علوم القرآن يدور حول القرآن من حيث هذه الأمور التي ذكرتها جزاك الله خيراً: جمعه، ناسخه، منسوخه، أمثاله، قصصه، نزوله، كتابته، رسمه، قراءاته... إلى آخره مما ذكره أهل العلم.
{كنا توقفنا بالأمس عند مدارس التفسير في عهد التابعين تطرقنا إلى شيء من ذلك ولم يسعفنا الوقت إلى التطرق إليها كلها لو أخذناها من أولها}
كنا في الدرس الماضي تحدثنا عن نشأة هذا العلم وبينا أنه في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- كان هذا العلم موجوداً؛ لأنه وجد هذا العلم مع نزول القرآن الكريم فطريقة نزول القرآن، وكتابة القرآن والوحي الذي ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم- وكيفياته وجمع القرآن وما يكون في القرآن الكريم من ناسخ ومنسوخ كان ذلك كله موجوداً على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- واستمر الأمر على ذلك في عهد الصحابة وبينا كيف أن الصحابة عنوا بهذا الأمر أشد العناية حتى إنهم كانوا يميزون الآية ويعرفون -رضي الله عنهم- أين نزلت؟ هل نزلت في الليل أم في النهار؟ في جبل أم في سهل؟ في صيف أو شتاء؟ من شدة عنايتهم بضبط هذا القرآن وعنايتهم به - رضون الله عليهم- ثم انتقل الأمر بعد ذلك إلى عهد التابعين- رضوان الله عليهم- وذلك أن التابعين تلقوا هذا العلم عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لم يبقوا في المدينة وإنما تفرقوا في الأمصار في الدعوة إلى الله تعالى والدعوة إلى هذا الله - سبحانه وتعالى- وتبليغ هذا الدين، منهم المجاهدون الذين يفتحون الأمصار بالسنان ومنهم العلماء الربانيون الذين يفتحون الأمصار بالحجة والبرهان ويعلمون الناس دين الله - جل وعلا- يقول الله - جل وعلا- ﴿ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)﴾ [التوبة: 122] فنشأت هناك مدارس حسب المواقع التي ذهب إليها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- المدرسة الأولى مدرسة مكة وهي أشهر مدارس التفسير وهي المدرسة التي كان يقودها ويرأساً فيها ابن عباس -رضي الله عنه- كيف ذلك؟ ابن عباس -رضي الله عنه- بقي بمكة فاجتمع عليه طالبوا العلم من أهل مكة وأخذوا يتتلمذون عليه كمجاهد بن جبر، عكرمة مولاه أيضاً طاووس بن كيسان اليماني عطاء بن أبي رباح وغير هؤلاء ممن عكفوا على التتلمذ على ابن عباس -رضي الله عنه- وأخذت هذه المدرسة تنشر هذا العلم الذي بثه فيها ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن ؛ لأن ابن عباس قد مدحه النبي - صلى الله عليه وسلم- بقوله أو دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم- بقوله : (اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل) فأخذت الأمة تأويل القرآن عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وخرج من تلاميذه علماء أفذاذ نقلوا علماً كثيراً للأمة بل إن أكثر علم التفسير وعلوم القرآن أخذ من هذه المدرسة التي تسمى: المدرسة المكية.
المدرسة الثانية: مدرسة المدينة وهي المدرسة التي كان فيها كثير من الصحابة - رضون الله عليهم- لأن كثيرين من الصحابة بقوا في المدينة وهي المدرسة التي كان فيها أبي بن كعب -رضي الله عنه- وزيد بن ثابت أيضاً ومن أشهر تلاميذ هذا المدرسة من التابعين: زيد بن أسلم وأبو العالية الرياحي ومحمد بن كعب القرظي وهذه المدرسة مدرسة حفظت لنا علماً كثيراً من السير والمغازي والسنن النبوية بل حتى علم القراءة اشتهرت هذه المدرسة بالعناية به وما زالت القراءة في أهل المدينة إلى اليوم باقية.
المدرسة الثالثة: هي مدرسة الكوفة وهي المدرسة التي أنشأها وقام عليها عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- هذه المدرسة كان من أشهر تلاميذها علقمة بن قيس -رحمه الله تعالى- وعمرو بن شرحبيل وأبو عبد الرحمن السلمي الذي كان له مقرأة يقرأ فيها خلق كثير القرآن الكريم بل كان يطوف عليهم على حمار كان يركبه -رحمه الله تعالى- وقد تفرغ لإقراء القرآن أكثر من ستين عاماً يقرأ الناس كلام الله - جل وعلا- ويعلمهم تلاوة القرآن الكريم وهو الذي روى حديث( خيركم من تعلم القرآن وعلمه) عن عثمان -رضي الله عنه- هذه ثلاث مدارس يذكرها كثير من الكاتبين في علوم القرآن، ويضاف إليها مدرسة مهمة جداً هي المدرسة الرابعة: وهي المدرسة البصرية والتي كان رأساً فيها أنس بن مالك وأبو موسى الأشعري ومن تلاميذهم الإمامان الجليلان: الحسن البصري وقتادة بن دعامة السدوسي هذه المدرسة مدرسة متميزة أيضاً في علوم القرآن وفي علم التفسير وفي الروايات بشكل عام فهذه المدرسة كان لها دور كبير في حفظ كثير من علم التفسير، بل إن أكثر مرويات التفسير كما أثبت ذلك الدكتور محمد بن عبد الله البصيري[الخضيري] في رسالته الماتعة رسالة الدكتوراة " تفسير التابعين" قال: إن أكثر مرويات التفسير بعد المدرسة المكية تروى عن هذه المدرسة البصرية مع إغفال الكثير من الكاتبين لعلوم القرآن لهذه المدرسة فهذه.
المدارس الثلاث انطلقت منها الجمل أو المرويات العلمية في التفسير وفي علوم القرآن وفي سائر فنون الشريعة, انطلقت منها وتفرعت عنها حيث تلاميذ هذه المدارس تفرقوا في الأمصار ونقلوا للناس ما عندهم من علوم، بل إنك تجد أحياناً بعض طلاب المدرسة المكية تتلمذ على يد المدرسة الكوفية أو البصرية كما حصل لسعيد بن جبير - رضي الله عنه وأرضاه- وأبي العالية الرياحي فقد تتلمذ على مدرستين وأخذ من الطائفتين فهذه جملة ما حصل من المدارس في عهد التابعين.
{أسئلة الحضور}
{هل هناك فرق بين هذه المدارس في المنهجية؟}
نعم الذين تتبعوا حقائق هذا المدارس وما صدر عنها من علوم ومرويات وجدوا أن هناك فروقاً كثيرة جداً ومن أحسن من كتب في هذا الباب فيما رأيت: ما ذكرته من رسالة الدكتوراه للدكتور محمد بن عبد الله البصيري[الخضيري] "تفسير التابعين" وهي رسالة جديرة بالقراءة والاقتناء.
الفروق مثلاً:
- المدرسة المكية هي أشهر المدارس في بث علم التفسير وهي مدرسة أيضاً تعتمد في كثير من التفسير على الرأي والاجتهاد وعلى علم اللغة أكثر من غيرها.
- أما المدرسة الكوفية فإن الاهتمام بالأحكام والفقه أكثر فيها أما تفسير القرآن بكلام العرب أو بالرأي دون الأثر فإنه قليل جداً فيها؛ لأنها مدرسة أثرية.
- المدرسة في المدينة مثلاً من المميزات التي فيها أنها اهمت مثلاً بعلم القراءة واهتمت أيضاً بعلم السير فكثيراً من الآيات التي فيها ذكر لمغازي رسول الله وأيابه وحروبه رواها ونقلها لنا تلاميذ هذه المدرسة المدنية.
- مدرسة البصرة مثلاً اهتمت بجانب مهم جداً في علم القرآن وهو جانب المواعظ والتذكير فنجد هذا الجانب بارزاً في هذه المدرسة كما اهتمت أيضاً بقضية الأحكام -أحكام الآيات- نجدها أيضاً بارزة وبينة في علوم ومرويات هذه المدرسة.
إذن هذا يبين لنا بعجالة أن هذه المدارس بينها اختلاف بل إن الاختلافات التي حصلت في المذاهب الإسلامية كانت نشأتها في الحقيقة في هذه المدارس لمن تأمل ذلك وتبصره حق التبصر.
هل هناك أسئلة من الحاضرين؟ تفضل.
{لماذا عبرنا بالقول: إذا " قام به من يكفى" دون العبارة الشائعة:" إذا قام به البعض " ؟} أحسنتم. هذا سؤال مهم جداً ومفيد جداً لطلاب العلم. قلنا في حكم تعلم علوم القرآن: إن حكمه فرض كفاية والسبب في ذلك عندما عبرنا قلنا: إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين لأن عبارة إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين فيها تسامح فالصحيح أن يقال إذ قام به من يكفي لأن كلمة البعض تصدق على واحد والواحد أحياناً لا يفي بالحاجة فمثلا يقول العلماء: تغسيل الميت والصلاة عليه فرض كفاية فهل معنى فرض كفاية أن يقوم به واحد من المسلمين وقد يكون هذا الواحد غير قادر على القيام بهذه المهمة فنقول: لا... إذا قام به من يكفي، من تقوم به الكفاية فإذا كان يكفي بهذا العمل ثلاثة وقام به ثلاثة هنا سقط الإثم عن الباقين، إذا كان يكفي أربعة أو ستة أو عشرة فقام به هذا العدد سقط الإثم عن الباقين أما كلمة البعض فإن فيها تجوزاً وكلمة إذا قام به من يكفي هي الأفضل من ناحية موافقة اللفظ وأيضاً من ناحية الحقيقة الشرعية فلننتبه لهذا عندما نعبر في قولنا: معنى فرض كفاية.
{ذكرتم في الدرس الماضي أن أشهر اسمين للقرآن هو القرآن والكتاب فهل هناك سر لذلك؟}.
نعم ذكرنا أن من أشهر أسماء الكتاب خمسة: القرآن والكتاب والذكر والفرقان والنور وأشهر هذه الخمسة- كما ذكرت بارك الله فيك- القرآن والكتاب فأكثر ما يتردد في كتاب الله -سبحانه وتعالى- هو القرآن والكتاب، فأكثر ما يتردد في كتاب الله -سبحانه وتعالى- وصفاً للقرآن وتسمية له هو: القرآن والكتاب فلماذا كان هذان الاسمان هما أشهر أسماء القرآن؟ يذكر بعض الباحثين المعاصرين لذلك حكمة جليلة[جميلة]، قال: لأن القرآن يحتاج في حفظه ونقله إلى أمرين: التلاوة أوالقراءة , والكتابة, فهذا العنصران هما عنصرا حفظ القرآن الكريم لأننا لا نقبل قراءة من دون كتابة ولا نقبل كتابة من دون قراءة، ولذلك لو جاءنا إنسان يريد أن يتعلم القرآن من دون أن يتعلمه على قاريء فإننا نقول له: لابد أنك ستخطيء في قراءته لأن قراءة القرآن تحتاج إلى أن تطلع على من يتعلم عنه القرآن الكريم فهذا هو سر كون هذين الاثنين من أسماء القرآن الكريم هما أشهر أسماء القرآن الكريم، والله أعلم.
{نستعرض بعض الأسئلة}
{يقول: السلام عليكم هل يعتبر تفسير التابعين تفسيراً بالرأي أم تفسيراً بالمأثور؟ }
تفسير التابعين إن كانوا ينقلونه عمن قبلهم من الصحابة أو عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو تفسير بالمأثور أو ينقلونه من السنة أو تفسير القرآن بالقرآن فهو من التفسير بالمأثور. أم إن كانوا يقولونه برأيهم وباجتهادهم حسب الضوابط الشرعية والأصول المرعية عند أهل العلم فهو يعد من هذه الزاوية تفسيراً بالرأي بالنسبة لهم، ومَنْ بعدهم إذا نقلوه عنهم صار تفسيراً بالمأثور لكن تفسيراً نسبياً أما حقيقته فهو تفسير بالرأي. والله أعلم.
ننتقل بعد هذا إلى العهد الأخير الذي استقر عليه الأمر في نشأة علوم القرآن وهو عهد التدوين، تعلمون أنه في نهاية القرن الأول ومطلع القرن الثاني بدأ تدوين العلوم الإسلامية ومن ذلك علوم القرآن بل إن بعض مفردات علوم القرآن بدأت الكتابة فيها مبكرة يعني بعد الستين تقريباً الستين هجرياً يروى أن مجاهد كتب التفسير عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- كما ذكر ذلك ابن النديم في الفهرست له، فهذا يدلنا على أن علوم القرآن دونت في عهد مبكر. وعهد التدوين - أيها الأحبة- لما بدأ كانت دونت كثير من علوم الإسلام خصوصاً ما يتصل بالرواية من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو بالرواية عن الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم- في تفسير كلام الله -جل وعلا. وكانت البداية في مفردات من علوم القرآن ومباحث معينة يعني هذا يؤلف في الناسخ والمنسوخ وهذا في أسباب النزول وهذا في غريب القرآن وهذا يؤلف في قصص القرآن وهذا يؤلف في نزول القرآن أو جمع القرآن أو نحو ذلك، وقد عد ابن النديم -رحمه الله تعالى- في الفهرست أكثر من مائتين وخمسين مؤلَّفاً إلى وقت كتابته لتلك المؤلفات عندما حرر كتابه المشهور عام سبعة وسبعين وثلاثمائة من الهجرة النبوية(377هـ). فتصور أنه في خلال القرون الثلاثة أو في نهاية القرن الأول والقرن الثاني والثالث دوِّن أكثر من مائتين وخمسين كتاباً في علوم القرآن الكريم فتجد قد دوِّن في الناسخ والمنسوخ كذا كتاباً وفي غريب القرآن كذا كتاباً وفي مشكمل القرآن كذا كتاباً وهكذا في سائر علوم القرآن؛ وبهذه الطريقة بدأ التأليف في علوم القرآن لا على أنه فن مستقل بموضوعات محددة وإنما كل واحد يؤلف في موضوع من موضوعات علوم القرآن وعلى سبيل المثال: الحسن البصري ألف كتاباً في القراءة والحسن كانت وفاته عام عشرة ومائة أيضاً فيمن ألف في ذلك الزمن المبكر عطاء بن أبي رباح وهو من تلاميذ ابن عباس -رضي الله عنه- المتوفى عام أربعة عشرة ومائة. ألف كتاب غريب القرآن مما يدل على أن هذا العلم قد تقدم فيه التأليف في مطلع القرن الثاني، أيضاً قتادة بن دعامة السدوسي وهو من تلاميذ المدرسة البصرية ألف كتاباً في الناسخ والمنسوخ وكتابه هذا موجود وقد طبع، ووفاة قتادة -رحمه الله تعالى- كان عام سبعة عشر ومائة من الهجرة النبوية. أيضاً من المؤلفات المبكرة في علوم القرآن أبوعبيد القاسم ابن سلام -رحمه الله تعالى- المتوفي عام أربعة وعشرين ومائتين من الهجرة النبوية ألف كتاب الناسخ والمنسوخ وكتابه هذا موجود مطبوع وممن ألف أيضاً وهم كثير جداً- كما أسلفت قبل قليل- ابن قتيبة -رحمه الله تعالى- ألف كتابين مهمين وهما مطبوعان وابن قتيبة توفي عام ستة وسبعين ومائتين من الهجرة النبوية ألف كتاب تأويل مشكل القرآن وهو كتاب مشهور موجود وألف كتاب تفسير غريب القرآن وهو كتاب يعتبر عمدة في بابه, ومنهم أيضاً - ممن ألف- الواحدي -رحمه الله تعالى- له كتاب مشهور في أسباب النزول بل هو أشهر الكتب في أسباب نزول القرآن الكريم, والواحدي - كما تعلمون- من علماء القرن الخامس الهجري توفي سنة ثمان وستين وأربعمائة من الهجرة النبوية. وممن ألفوا أيضاً وشاركوا في ميدان علوم القرآن ابن القيم -رحمه الله تعالى- ابن تيمية شيخ الإسلام فقد ألف كتاباً في موضوع من موضوعات علوم القرآن مهم جداً وهو موضوع: القسم في القرآن واسم كتابه: التبيان في أقسام القرآن وتعلمون أن وفاة ابن القيم -رحمه الله تعالى- كانت سنة إحدى وخمسين وسبعمائة من الهجرة النبوية.
ومنهم أيضاً ممن شاركوا في التأليف في علوم القرآن الإمام الحافظ ابن حجر الذي إذا قيل الحافظ لم ينصرف إلى أحد غيره ابن حجر -رحمه الله تعالى- توفي عام اثنتين وخمسين وثمانمائة من الهجرة النبوية وله كتاب حافل جميل جداً في أسباب نزول القرآن يسمى: العجاب في الأسباب، وهو مطبوع الآن في مجلدين وفيه خروم يسيرة وهذا الكتاب يعتبر من أحسن الكتب في أسباب نزول القرآن هذه - أيها الأحبة - جملة من الكتب المؤلفة في علوم القرآن بصفة مفردة ونضيف إليها كتاب: التيسير في قواعد علم التفسير للإمام الكافيجي المتوفى سنة تسع وسبعين وثمانمائة من الهجرة النبوية ومنها أيضاً كتاب السيوطي -رحمه الله تعالى- الذي توفي عام إحدى عشرة وتسع مائة له كتاب اسمه مفحمات الأقران في مبهمات علوم القرآن ومنهم أيضا زكريا الأنصاري المتوفى سنة ست وعشرين وتسع مائة من الهجرة النبوية ألف كتاب: فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن الكريم وهذا الكتاب أيضاً مطبوع كما أن الكتاب الذي قبله وكتاب الكافيجي أيضاً كلها مطبوعة وموجودة، ومن الكتب المؤلفة وهي من علماء معاصرين كتاب الشيخ عبد الرحمن السعدي أحد علماء نجد المتوفى سنة ست وسبعين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية له كتاب اسمه: القواعد الحسان في تفسير القرآن وهي قواعد عامة في قواعد تفسير القرآن وذكر بعض القواعد الأصولية وبعض الفوائد القرآنية.
هذه جملة من المؤلفات المفردة في مباحث في علوم القرآن, والمؤلفات المفردة في هذا الباب كثيرة جداً تربو على الحصر بل إن بعض المعاصرين جمع ما هو موجود مخطوطاً ومطبوعاً من كتب علوم القرآن في أربع مجلدات كبيرة فذكر من ذلك آلافاً من الكتب مما يدلنا على أن العلماء -رحمهم الله تعالى- قد أَوْلَوا مباحث علوم القرآن عناية كبيرة وهذا من حفظ الله تعالى لكتابه وعناية الأمة بفهم هذا القرآن والعناية به.
ثم بعد ذلك ننتقل إلى المؤلفات في علوم القرآن علماً على علم معين نذكرها بعد أن ننظر إذا كان هناك أسئلة أو شيء من هذا القبيل.
{هل يقال: ابن القيم [الجوزية] أو ابن قيم الجوزية من غير [أداة] التعريف؟}
أحسنت. هذا مما يقع فيه خطأ كبير ممن يتحدثون عن ابن قيم الجوزية. فنقول في ذكر[اسم] هذا الإمام: إن قلت ابن القيم فأنت تتوقف بهذه الصورة تقول: ابن القيم. وإن أضفت تقول: ابن قيم الجوزية لعلي أضرب لذلك مثالاً يتضح به المقال: هل يصح أن تقول: ابن المدير المدرسة ؟ لا يصح ، وإنما تقول: ابن المدير أو ابن مدير المدرسة وكذلك هذه الكلمة تماماً وسواءً بسواءٍ لأن ابن قيم الجوزية معناه ابن مدير المدرسة الجوزية فابن القيم ابن لمدير المدرسة الجوزية، فإما أن تقول: ابن القيم يعني ابن المدير أو ابن قيم الجوزية ابن مدير المدرسة، هكذا ينطق اسم هذا الإمام العلم. إذن فبهذا نعلم أن من يقول: ابن القيم الجوزية يخطئ في طريقة قراءة اسم هذا العلم وهذا يذكرني أيضاً بشيخ الإسلام كثيرا من الناس يقول: ابن تيمية ولا يشدد الياء وهو منسوب إلى تيماء فيقال: ابن تيمية لأن جدته ولدت هناك في تيماء فنسبت إلى تيماء فقيل في حقها تيمية فابنها أو حفيدها يقال له: ابن تيمية . وهكذا ينبغي لنا أن نتعلم ضبط الأسماء خاصة أسماء الأئمة والعلماء.
{هل هناك أسئلة أخرى؟}
{ذكرتم المدارس المكية والمدنية والبصرية والكوفية هل البلاد الشامية كانت تفتقر لهذه المدارس؟}
الشام كانت أرض جهاد وأرض ثغور فكانت بداية المدارس الإسلامية في هذه المواقع فنحن نتحدث الآن عن عهد التابعين وليس العهد الذي جاء بعده مثلاً في عهد الدولة الأموية صارت الشام محلاً للعلم والعلماء ومكاناً للمدارس الإسلامية, لكن نحن نتحدث في زمن معين وهو زمن التابعين أو الصحابة الذين انتقلوا إلى الأمصار وبثوا علومهم هناك، فنفر [فمثلا] في الشام أبو الدرداء -رضي الله عنه- لكن أبا الدرداء اشتهر -رضي الله عنه- بالعبادة وأيضاً كثير ممن ذهب إلى الشام كان يقصد الذهاب إلى ثغور المسلمين للقتال فيها ولذلك أحاديث الجهاد تجد أكثرها عند الشاميين لأن الشام كانت محلاً للمجاهدين، وتعرف أن الصراع الذي بقي مع الروم بقي صراعاً طويلاً بخلاف الصراع الذي كان مع الفرس فقد أنهى الله - سبحانه وتعالى- دولتهم في غضون سنوات قليلة.
{نستعرض مجموعة من الأسئلة:}
{من الأردن يقول: السلام عليكم ورحمة الله: ما رأيك في مقدمة أصول التفسير لشيخ الإسلام وهل تنصح بحفظها ودراستها لطالب العلم المبتدئ ؟
وآخر: يقول هل اختلفت المدارس في تفسير معاني الآيات؟ فإذا كان ذلك حصل فكيف وقد أخذوا جميعاً عن الرسول -صلى الله عليه وسلم ؟
وآخر يقول: حينما دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس قال له :كما ذكرت (اللهم علمه التأويل) فما الفرق بين التفسير والتأويل؟}
السؤال الأول: سأل عن مقدمة أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية هذه المقدمة من أحسن ما كتب في أصول التفسير وبيان خلاف المفسرين وكيف يعمل الإنسان عندما يقرأ خلاف المفسرين من السلف وذكر أيضاً طرفاً من مناهج المفسرين فهي مقدمة تعتبر من أفضل ما كتب في هذا الباب، وحري بطالب العلم أن يقرأها ويستشرحها ويستظهر هذه المقدمة لأنها مقدمة كما ذكرت متينة، بل إن تفسير ابن كثير -رحمه الله تعالى- بُني على هذه المقدمة والدليل على ذلك أنك تجد ابن كثير -رحمه الله تعالى- قد ضمن مقدمة تفسيره هذه المقدمة دون إشارة واضحة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ثم بنى التفسير على نفس المنهج الذي ذكره شيخ الإسلام في هذه المقدمة العظيمة، بمعنى أنه كان ابن كثير -رحمه الله تعالى- يفسر القرآن أولاً بالقرآن فإن لم يجد فسر القرآن بالسنة فإن لم يجد فسر القرآن بأقوال الصحابة فإن لم يجد فسر القرآن بأقوال التابعين فإن لم يجد فسر القرآن بمقتصى اللغة على ضوء الضوابط الشرعية والقواعد الأصولية المرعية ولأجل هذا حاز هذ الكتاب الشهرة وتداوله الناس وصار له قبول أكثر من أي تفسير آخر.
{السؤال الثاني يقول: هل اختلاف المدارس في تفسير معاني الآيات؟ وإذا كان ذلك حصل فكيف وقد أخذوا جميعاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم ؟ }
المدارس - كما ذكرت قبل قليل وقد يأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى في دروس قادمة -مختلفة أصلاً في مناهجها هناك مدارس مثلاً تتورع أن تقول في القرآن إلا بأثر كالمدرسة المدنية مثلاً وأيضاً يوجد شيء من ذلك في المدرسة الكوفية فكانوا يتورعون عن القول في القرآن إلا بأثر يعني بأن يسمعوا في ذلك أثراً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أو نحو ذلك أما المدرسة المكية فكانت مدرسة قوية في هذا الميدان؛ لأن قائدها وإمامها ابن عباس -رضي الله عنه- حيث كان قوياً في الجانب اللغوي، قوياً أيضاً في طلبه للعلم حيث دار على كثير من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وتلقى عنهم فقد تجد بعض الآيات موجود تفسيرها عند بعض المدارس وليست موجود عند المدرسة الأخرى، لكن نحن لا ننظر لهذه المدارس من هذه الزاوية، بل ننظر إلى أقوال هؤلاء الصحابة وننظر إلى حقيقة هذا القول فإن وافق القول أثراً عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أو آية من كتاب الله كان هو المقدم، وإن لم يوافق ذلك وكان هو التفسير الذي أطبق عليه الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم- وإن لم يكن كذلك وكان تفسيراً بالرأي والاجتهاد نظرنا بين هذه الأقوال وقارنا بينها وقدمنا ما نرى أنه هو الأصوب وما يؤدي إليه الاجتهاد ، هذه هي الطريقة في التعامل مع السلف - رضوان الله تعالى عليهم - مع أننا نؤكد أنه يجب علينا الرجوع إلى أقوالهم لأنهم أعلم بالقرآن وأعلم بموارد نزوله وأفهم للغة العرب ممن جاء بعدهم وهذا شيء لا يختلف فيه أحد من أهل العلم.
{يسأل ويقول: حينما دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس قال له كما ذكرت (اللهم علمه التأويل) فما الفرق بين التأويل والتفسير؟ }
التأويل يرد بمعنى التفسير ويرد بمعنى ما يؤول إليه الشيء ولذلك في قول الله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ﴾ [آل عمران:7] فانظر إلى كلمة التأويل هنا يمكن أن تحمل على التفسير فيكون معناها وما يعلم تفسيره إلا الله والراسخون في العلم فيكون الراسخون ممن يعلمون تفسيره ويمكن أن تكون معرفة حقيقة الشيء وكنهه، فيكون الوقف في الآية وما ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ ﴾ وهذا وقف لازم ثم نبدأ بعدها فنقول: ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ﴾ ما معنى تأويله؟ يعني ما يؤول إليه الشيء، حقيقة الشيء وكنهه فمثلا صفات الله -جل وعلا- لا يستطيع أحد أن يعلم حقيقتها لأننا لم نعلم ذلك من طريق الصادق المصدوق ولم يأتنا خبر عن الله -سبحانه وتعالى- بحقيقتها لكننا نعلم تفسيرها ونعلم معناها فمعنى التأويل بهذه الصورة ما يؤول إليه الشيء كما قال الله تعالى في سورة النساء ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)﴾ [النساء: 59] فما معنى قوله: ﴿ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ يعني وأحسن عاقبة فكلمة تأويل ترد أحياناً بمعنى التفسير وترد أحياناً بمعنى عاقبة الشيء وما يؤول إليه ومعرفة كنهه وحقيقته هذا بالنسبة لما كان عليه الأمر عند السلف الصالح أما الخلف فإنهم يفسرون التأويل بتفسير آخر لعله أن يأتينا - إن شاء الله تعالى- في دروس قادمة ونفصله ونبين بطلانه.
كنا توقفنا عند التأليف في علوم القرآن علماً على علم معين، بعد أن بيَّنا قبل قليل أن الناس تتابعوا في الكتابة في علوم القرآن على شكل مفردات وبحوث: الناسخ والمنسوخ، قصص القرآن، أقسام القرآن، أمثال القرآن، مشكل القرآن، إعراب القرآن، غريب القرآن.... إلى آخره ، في القرن الرابع الهجري بدأ التأليف في علوم القرآن في جميع هذه البحوث يعني أن يكتب الباحث هذه البحوث منسقة تنسيقاً معيناً ويخرجها باسم علوم القرآن وكان أول من عرف عنه أنه كتب كتاباً في هذا الفن بهذه الصورة محمد بن خلف بن المرزبان المتوفى عام تسعة وثلاثمائة(309هـ) فهذا هو أول من كتب كتاباً في علوم القرآن بالصورة التي نعنيها عندما نتحدث عن علوم القرآن مصطلحاً على علم معين وسمى كتابه " الحاوي في علوم القرآن" وكلمة الحاوي بالمناسبة اسم مشهور عند أهل العلم فالماوردي له كتاب كبير في الفقه يسمى: الحاوي يبلغ أكثر من عشرين مجلداً والسيوطي - رحمه الله تعالى- له كتاب اسمه: الحاوي في الفتاوي في مجلدين وهو كتاب لطيف. ثم تتابع الناس بعد ذلك في التأليف في علوم القرآن الكريم فممن ألف في علوم القرآن الكريم أبو الحسن الأشعري ألف كتابه "المختزل في علوم القرآن" وأبو الحسن توفي عام أربعة وعشرين وثلاثمائة من الهجرة النبوية(324هـ) وهذا الكتاب لا أدري هل طبع الآن أو هو موجود أو أنه مذكور في ضمن المخطوطات. من المؤلفات أيضاً في علوم القرآن بمعناه الاصلاحي علماً على الفن المعروف: " فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن" وقد ذكر أحد الإخوة هذا الكتاب وهو لابن الجوزي -رحمه الله تعالى- المتوفى عام سبعة وتسعين وخمسمائة من الهجرة النبوية وكتابه هذا مطبوع ومتداول. من الكتب أيضاً كتاب " المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز" لأبي شامة المقدسي المتوفي عام خمسة وستين وستمائة من الهجرة النبوية، وهذا الكتاب مطبوع وموجود في المكتبات وهو محقق أيضاً حققه وليد الطبطبائي فالكتاب من كتب علوم القرآن لكنه لم يستوعب جميع موضوعات علوم القرآن بل ركز كثيراً على القراءة ونزول القرآن, قراءات القرآن ونزوله.
أيضاً من الكتب المشهورة في هذا الباب وهو من الكتب المشهورة في كتب علوم القرآن كتاب البرهان في علوم القرآن لبدر الدين الزركشي المتوفى عام أربعة وتسعين وسبعمائة من الهجرة النبوية وكتابه هذا يعتبر من أحسن الكتب المؤلفة في علوم القرآن بل إن الإمام السيوطي -رحمه الله تعالى- فرح به أشد الفرح ونستطيع أن نقول: إن السيوطي -رحمه الله تعالى- قد انتظم هذا الكتاب بكامله يعني لم يدع منه شيئاً وأضاف عليه ما توفر له من كتب أخرى، والزركشي -رحمه الله تعالى- لما ألف هذا الكتاب ذكر في مقدمته كلاماً يوحي بأنه لم يجد كتاباً في علوم القرآن تقدمه يقول الزركشي -رحمه الله تعالى- «ولما كانت علوم القرآن لا تنحصر ومعانيه لا تستقصى وجبت العناية بالقدر الممكن ومما فات المتقدمين وضع كتاب يشتمل على أنواع علومه » فانظر كأنه يريد -رحمه الله تعالى- أن يضع كتاباً لم يسبق إليه كما وضع الناس ذلك «كما وضع الناس بالنسبة إلى علم الحديث فاستخرت الله تعالى وله الحمد في وضع كتاب في ذلك جامع لما تكلم الناس في فنونه وخاضوا في نكته وعيونه وضمنته من المعاني الأنيقة والحكم الرشيقة ما يهز القلوب طربا ويبهر العقول عجبا ليكون مفتاحاً لأبوابه وعنواناً على كتابه ومعيناً للمفسر على حقائقه ومطلعاً على بعض أسراره ودقائقه والله المخلص والمعين وعليه أتوكل وبه أستعين وسميته البرهان في علوم القرآن وهذه فهرسة أنواعه» ثم ذكر الأنواع نوعاً نوعاً حتى بلغ بها ستة أو سبعة وأربعين نوعاً هذا ما ذكره الزركشي وختم المقدمة بقوله: " واعلم أنه ما من نوع من هذه الأنواع إلا ولو أراد الإنسان استقصاءه لاستثرى عمره ثم لم يحكم أمره ولكن اقتصرنا من كل نوع على أصوله والرمز إلى بعض فصوله فإن الصناعة طويلة والعمر قصير وماذا عسى أن يبلغ اللسان تقصير قالوا: خذ العين من كل فقلت لهم في العين فضل ولكن ناظر العين.هذ الكتاب الثاني من كتب علوم القرآن التي بين أيدينا.
أيضاً من كتب علوم القرآن كتاب "الإتقان في علوم القرآن" لجلال الدين السيوطي وهو الذي قدمنا في بداية هذا الدرس أنه أشهر كتاب في علوم القرآن والسيوطي -رحمه الله تعالى- كتب كتاباً قبل هذا في علوم القرآن سماه "التحبير" ثم لما أراد أن يؤلف تفسيراً عظيماً أراد أن يجعل ذلك الكتاب مقدمة لتفسيره ذلك وله تفسير مفقود لم يعثر الناس عيه إلى اليوم يقال له مجمع البحرين وملتقى النهرين لم يدع شيئاً من التفسير المأثور إلا ذكره بإسناده، السيوطي -رحمه الله تعالى- جعل هذا الكتاب الذي هو الإتقان مقدمة لتفسيره للقرآن الكريم لكن بقي كتابه الآخر في التفسير الموجود والذي قد طبع عدة طبعات يسمى الدر المنثور في التفسير المأثور وهو يقع في أحد عشر مجلداً بطبعة قديمة ولما طبع حديثاً يقع في قريب من عشرين مجلداً هو مختصر لذلك الكتاب السابق الذي ذكره -رحمه الله تعالى- وأشار إليه ولم نعثر على شيء من خبره هذا الكتاب الإتقان يقول السيوطي -رحمه الله تعالى- في بيان كيف ألف هذا الكتاب، يقول: «ولقد كنت في زمان الطلب أتأجه من المتقدمين إذ لم يدونوا كتاباً في أنواع علوم القرآن كما وضعوا ذلك في بالنسبة إلى علم الحديث" هذا يدلنا على أن السيوطي لم يكتشف بعد كتاب البرهان ولم يطلع عليه ولم يكن خبره موجوداً عنده، قال فسمعت شيخنا أستاذ الأستاذين وإنسان عين الناظرين أبا عبد الله محيي الدين الكافيجي مد الله في أجله وأسبغ عليه ظله يقول: قد دونت في علم التفسير كتاباً لم يسبق إليه فكتبته عنه فإذا هو صغير الحجم جداً يقصد هذا الكتاب وهو التيسير في قواعد علم التفسير هذا للكافيجي ، الكافيجي يرى أو يعتقد أنه هو أول من دون في علوم القرآن الكريم يقول السيوطي -رحمه الله تعالى- فإذا هو صغير الحجم جدا وحاصل ما فيه بابان الأول في ذكر معنى التفسير والتأويل والقرآن والسورة والآية والثاني: في شروط القول فيه بالرأي وبعدها خاتمة في آداب العالم والمتعلم فلم يشف لي ذلك غليلاً ولم يهدني إلى المقصود سبيلاً، قال ثم أوقفني شيخنا شيخ مشايخ الإسلام قاضي القضاة خلاصة الأنام حامل لواء المذهب المطلبي يعني المذهب الشافعي علم الدين البلقيني -رحمه الله تعالى- على كتاب في ذلك لأخيه جلال الدي البلقيني سماه: مواقع العلوم من مواقع النجوم فرأيته تأليفاً لطيفاً ومجموعا ظريفاً ذا ترتيب تقريب وتنويع وتحبير ثم ذكر خطبته في ذلك والأنواع التي تعرض لها، ثم ذكر بعد ذلك كيف حصل له كتاب البرهان يقول: ثم ذكر -رحمه الله تعالى- السيوطي أنه ألف كتاباً سماه التحبير قال وقد تم هذا الكتاب ولله الحمد من سنة اثنتين وسبعين يعني ثمانمائة من الهجرة النبوية ثم خطر لي بعد ذلك أن أؤلف كتاباً مبسوطاً ومجموعاً مضبوطاً أسلك فيه طريق الإحصاء وأمشى فيه على منهاج الاستقصاء هذا كله وأنا أظن أني متفرد بذلك غير مسبوق بالخوض في هذه المسالك، فبينا أنا أدير في ذلك فكراً أقدم رجلاً وأؤخر أخرى إذ بلغني أن الشيخ الإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي أحد متأخري أصحابنا الشافعيين ألف كتاباً في ذلك حافلاً يسمى البرهان في علوم القرآن يعني أن كتاب السيوطي الإتقان إنما جاء بعد كتاب البرهان وقد استفاد منه الفائدة العظمى قال: فتطلبته حتى وقفت عليه فوجدته قد قال في خطبته إلى آخر ما ذكره عنه -رحمه الله تعالى- قال: ولما وقفت على هذا الكتاب ازددت به سروراً وحمدت الله- سبحانه وتعالى- كثيراً وقوي العزم على إبراز ما أضمرته وشددت الحزن في إنشاء التصويت الذي قصدته فوضعت هذا الكتاب العلي الشان الجلي البرهان الكثير الفوائد والإتقان ورتبت أنواعه ترتيباً أنسب من ترتيب البرهان وأدمجت بعض الأنواع في بعض، لاحظوا معي أنه في التحبير ذكر مائة نوع لأنواع علوم القرآن لكنه في الإتقان لم يذكر إلا ثمانين نوعاً لأنه أدمج بعضها في بعض من باب حسن الترتيب والتبويب وضم النظير إلى النظير قال : وفصلت ما حقه أن يدار وزدت على ما فيه من الفوائد والفرائض والقواعد والشواهد ما يشنف الآذان وسميته بالإتقان في علوم القرآن، فهذه مقدمة أو شيء من مقدمة كتاب الإتقان.
أيضا من المؤلفات في هذا الباب وهي الكتب المؤلفة في علوم القرآن كتاب "الفوز الكبير في أصول التفسير" لولي الله الدهلوي المتوفى عام ستة وسبعين بعد المائة والألف من الهجرة النبوية وهذا الكتاب كتب باللغة الفارسية وترجمه أحد المترجمين المعاصرين وهو كتاب من كتب علوم القرآن وليس من الكتب المتميزة لكنه من الكتب التي ألفت بطريقة علوم القرآن مصطلحاً على علم معين، هذا بالنسبة للكتب القديمة.
{يسأل: ما هي الشروط التي ينبغي أن تتوفر في مفسري هذا العصر وإذ اختلف التفسير فأيهما يأخذ ؟}
الشروط التي يجب أن تتوفر في مفسر هذا العصر وغيره من العصور واحدة، على كل واحد ممن يريد أن يقوم بهذا الدور يجب عليه أن يعرف هذه الشروط ويتعلمها كيف ذلك؟ إذا وصلنا إلى شروط المفسر فنبين هذه الشروط بالتفصيل، من ذلك العلم باللغة العربية. من ذلك العلم بالسنة النبوية. من ذلك أيضاً معرفة القواعد والأصول الفقهية وأصول الأدلة لئلا يخلط الإنسان في تفسيره . ويعرف القواعد التي تسلك في النظر في نصوص الكتاب الكريم وغير ذلك من الشروط التي ذكرها أهل العلم مفصلة في كتب علوم القرآن وذكروها أيضاً مفصلة في كتب أصول الفقه.
{نستعرض بقية الكتب المعاصرة يا شيخ}
الآن نصل إلى نهاية المطاف في ذكر الكتب المعاصرة بعد كتاب السيوطي -رحمه الله تعالى- نكاد نقول: إنه ضعف التأليف في علوم القرآن وقلَّ؛ ولعل السر في ذلك- والله أعلم- هو أن السيوطي -رحمه الله تعالى- قد كتب كتاباً جامعاً فكأنه أسس من بعده، لكن المعاصرين- حفظ الله الحي منهم ورحم الله الميت منهم- لما رأوا حاجة الناس إلى كتابة علوم القرآن بلغة عصرية مناسبة للزمان وأيضاً فيها مناقشة لما استجد من القضايا و المسائل التي يحتاج إليها كتبوا في علوم القرآن، فنذكر أهم هذه الكتب منها كتاب: مناهل العرفان وهو من أفضل الكتب في هذا الباب وهو للشيخ محمد بن عبد العظيم الزرقاني من علماء الأزهر كتب هذا الكتاب لطلاب كلية أصول الدين ونقحه تنقيحاً جيداًً وركز فيه -رحمه الله تعالى- على إظهار محاسن الدين ورد شبهات المعتدين، فهو يطيل في هذا الباب إطالة قوية بل لا نعرف أحداً ممن كتبوا في علوم القرآن أطال في ذكر الشبهات مثلما أطال هذا الإمام وذلك لأنه كان في وقت كثرت فيه الشبهات على كتاب الله -سبحانه وتعالى- خاصة من جانب المستشرقين والمعجبين بهم الناقلين عنهم فانتـفض -رحمه الله تعالى- للرد عليهم، فأحياناً يذكر في المبحث الواحد من مباحث علوم القرآن عشر شبهات ثم يجهز عليها إجهازاً قوياً ولا يعني هذا أن إجاباته أو أنه كان سليماً في كل ما يقول فإن طبيعة البشر أنهم يخطئون فقد كتب الدكتور خالد بن عثمان السبر[السبت] كتاباً في بيان بعض الملاحظات على كتاب الزرقاني -رحمه الله تعالى- مناهل القرآن في علوم القرآن، الزرقاني توفي عام ألف وثلاثمائة وسبعة وستين من الهجرة النبوية.
من الكتب أيضاً لمؤلف معاصر متوفى كتاب: المدخل لدراسة علوم القرآن الكريم وهو للشيخ محمد محمد أبو شهبة والذي نسمع له حلقات في شرح صحيح البخاري في إذاعة القرآن.
من الكتب المشهوة أيضاً وهو من أشهر الكتب المعاصرة كتاب شيخنا العلامة مناع القطان -رحمه الله تعالى- مباحث في علوم القرآن الكريم وهذا الكتاب حقيقة استطاع أن يصوغ علوم القرآن بأسلوب يناسب أهل الزمان وإلا فإن غالب المعلومات التي فيه انتقاها واختارها من كتاب الإتقان، كما أنه عدل بعض القضايا العقدية التي تخالف منهج أهل السنة والجماعة عدلها وصاغها بأسلوب على منهج أهل السنة والجماعة.
أيضاً من كتب علوم القرآن كتاب الدكتور صبحي الصالح واسمه كاسم كتاب الدكتور مناع القطان: مباحث في علوم القرآن، هذه جملة من الكتب المعاصرة المهمة في هذا المقام.
{فضيلة الشيخ من المآخذ التي تكلمتم فيها على بعض كتب علوم القرآن عدم الاستيعاب لموضوعاته هل من الممكن استيعاب موضوعات علوم القرآن؟ ومن الذي قام بذلك؟
السؤال الثاني: هل لعقيدة المؤلف في هذا الفن- علوم القرآن- تأثير فيما يكتب وعلى الطالب في هذا العلم ؟
السؤل الثالث: ما المنهجية المقترحة منكم في طلب هذا العلم؟}
{السلام عليكم ورحمه الله لو سمحت أود أن أسأل الشيخ: كتاب التحبير في علوم التفسير هل هذا الكتاب في علوم القرآن وما الفرق بينه وبين كتاب علوم القرآن؟}
السؤال الأول يقول: هل هناك مانع من استيعاب موضوعات علوم القرآن؟ لا مانع من استيعابها بالصفة التي ذكرها العلماء ذكرنا أن كتاب: الإتقان يكاد يكون قد استوعب أبواب علوم القرآن الكريم وكذلك في كتاب البرهان استوعب كثيراً من هذه المباحث، فهذا قدمناه في كلامنا وقد بيناه - إن شاء الله تعالى- لكن استيعابه على وجه التمام والكمال بحيث يذكر كل فن وتذكر كل متعلقاته هذا لا شك يحتاج إلى عمر طويل ويحتاج إلى بحث شديد ويحتاج إلى استكمال آلات قد لا تتوفر لكثير من الناس.
سؤاله الثاني يقول: هل لعقيدة المؤلف أثر في كتابه نقول: نعم ؛ لأن جملة من مباحث علوم القرآن مباحث عقدية في موضوع نزول القرآن، في موضوع الوحي، في موضوع الناسخ والمنسوخ وغيرها من الموضوعات عقيدة المؤلف لها أثر في هذا الميدان فمثلاً موضوع الناسخ والمنسوخ هناك من يخالف أهل السنة في موضوع الناسخ والمنسوخ ويعتقد اعتقاداً باطلاً - سنأتي على ذكره إن شاء الله تعالى- عندما نتحدث عن هذا الباب ، في إعجاز القرآن نجد أن المعتزلة وبعض المتكلمين لهم مذهب باطل في هذا الباب يجب الرد عليه وهكذا في جملة علوم القرآن الكريم.
أما سؤاله الثالث وهو يقول: ما هي المنهجية في دراسة علوم القرآن؟
فأقول: المنهجية أن يأخذ الإنسان أحد الكتب المعاصرة المعروفة مثل كتاب مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان مثلاً ويقرؤه وإن تيسر أن يقرأه على إنسان متخصص في هذ الفن فإنه أفضل وإلا فإنه يقرأ بعض الكتب المختصرة مثل كتاب مقدمة في أصول التفسير للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- فهو كتاب ميسر في هذا الباب وهناك أيضاً كتب كثيرة في السوق منهجية ألفت لطلاب المدارس ونحوهم ميسرة وسهلة يمكن للإنسان أن يقرأها ثم يترقى بعدها إلى الكتب التي هي أكثر معلومات منها ثم يصل بعد ذلك إلى كتابي الإتقان والبرهان اللذان هما الغاية في كتب علوم القرآن.
أما السؤال الذي يقول: ما الفرق بين كتابي التحبير والإتقان؟
كتاب التحبير ألفه السيوطي -رحمه الله تعالى- ظناً منه أنه لم يألف لم يكن هناك مؤلف جامع في علوم القرآن الكريم، فألف كتابه التحبير وضمنه:{ 102نوع }مائة نوع من أنواع علوم القرآن ونوعين، ثم إنه لما عزم على تأليف تفسير القرآن الكريم وأن يجعل مقدمته كتاباً جامعاً في علوم القرآن الكريم، مبسوطاً متقناً وعزم على تأليف الإتقان وقع في يده كتاب البرهان فقرأه وضمنه كتابه البرهان فخرج كتاب الإتقان على أحسن ما يكون من الجمع والاستيعاب، فكتاب الإتقان هو الكتاب المتأخر، ولكن مع ذلك كتاب التحبير فيه فوائد جمة لكنه أصبح كتاباً شبه مهمل بعد وجود كتاب الإتقان