فى ذلك الوقت كنت أقف وحيدا فى منتصف تلك الحجرة التى ترقد بها حبيبتى
المريضة المغطى نصفها السفلى بغطاء خفيف سماوى اللون وهي شبة نائمة
من تأثير المسكنات والادوية .
وقفت أنظر اليها وروحى تكاد تخرج من حلقى لكى تذهب اليها وتمنحها الحياة
بدلا منى ؛ وقفت انظر وقلبى يتفطر من الحسرة والحزن وتتسارع دقاتة خوفاً
من أقتراب النهاية .. نهايتها ونهايتى معاها .. فمنذ 6 أشهر حين اخبرنى ذلك
الطبيب بضعف الامل فى شفاءها من هذا السرطان اللعين وقرأت فى عينيه
الجامدتين شهادة وفاتها .. منذ ذلك الوقت وانا أحاول ان أأقلم نفسى على
تقبل قضاء الله ولكنى غير قادر .. منذ ذلك الوقت وانا أشعر برجفة تعتصر
اعماق اعماقى وتعصف بى كعصفور صغير مبلول فى مهب الريح فى ليلة
قارصة البرودة .. فموتها يعنى موتى ورحيلها يعنى رحيلى ..
لطالما تردد على ذهنى فكرة أن امنحها حياتى .. ولكن كيف ؟؟ كيف ؟؟
قاطع انسياب تلك الأفكار صوت حبيبتى وهيا تنادينى فى ضعف وتطلب منى أحضار
الطبيب .. التقط سماعة الهاتف فى سرعة لأتصل بالطبيب المعالج لها ولكنه
غير موجود الان ...
بدأ صوت صراخها يعلو وألامها بدأت تتزايد .. تحركت فى ارجاء الحجرة
كاليث الحبيس وتسارعت دقات قلبى أكثر وأكثر وشل عقلى عن التفكير
يبدو أن النهاية قد أقتربت كثيراً ..
نادتنى وأستغاثت بالله ثم بى .. ولكن ماذا أفعل ؟؟؟ هممت نحوها وحملتها بين ذراعى
نعم حملتها بين ذراعى .. لا أعلم لماذا ؟
ربما لأنى أشعر بالعجز امام ألامها وأردت أن أفعل أى شيئ .. أى شيئ
أو ربما لأانى تصورتها كطفلة صغيرة تبكى وحين أحملها ستتوقف عن البكاء ..
أو ربما لأنى ظننت انها ستكون سعيدة وهى بقربى وبين ذراعى ..
ربما لأنى أشعر بالعجز امام ألامها وأردت أن أفعل أى شيئ .. أى شيئ
أو ربما لأانى تصورتها كطفلة صغيرة تبكى وحين أحملها ستتوقف عن البكاء ..
أو ربما لأنى ظننت انها ستكون سعيدة وهى بقربى وبين ذراعى ..
يبدو أنها الثالثة فقد نظرت لى وشبح ابتسامة يتراقص فوق شفتيها
وكأن أقترابها من صدرى أعطاها بعض الراحه من ألامها المميتة
ظللت أدور فى أرجاء عشنا الصغير وانا احملها بين ذراعى دون أن أشعر
بأى ملل أو تعب .. أدور وانا أدعو ربى فى خاطرى .. يارب ان كنت قد قدرت
لها الموت فأقبضنى انا بدلا منها .. يا رب يا كريم يا رؤف انى لا أسألك
ان ترد قضاؤك ولكنى أسألك ان تبدله فأنت تعلم جيدا أنى لا أستطيع الحياة بدونها
ولا أستطيع تحمل فراقها يـــ ..
قاطعت حبيبتى خواطرى ودعواتى وتوسلاتى مرة اخرى طالبه منى أرقادها على الفراش
وضعتها على الفراش ومسحت بيدى قطرات العرق المنسالة على جبينها
وانا محتاج لمن يمسح نزيف الدم المنسال من قلبى .. حزناً عليها
طلبت منى أن تشرب .. فذهبت فورا لأحضار الماء ولكن عند عودتى ..
توقفت قليلا عند باب الحجرة توقفت ونظرت لها نظرة طويلة ..!!
يا ربى .. ما هذا الذى أرى ؟؟؟ !!!!
أنى اراها الان مبتسمة أبتسامة عريضة .. !!!!!!!!!!!!
وا فرحتااااااااااااااااااااة .. ما أسعدنى الأن .. فلم أراها تبتسم منذ شهور
داعبت الفكرة عقلى .. لما لا ؟؟؟؟؟
لم لا .. تكون بدأت تتماثل للشفاء فعلا .. سبحانك ربى القدير
كنت كالغريق الذى يتعلق بقشة
فمنذ شهور لم ارى تلك الأبتسامة التى تجعل وجهها كالبدر ليلة التمام ..
ما أجملها حبيبتى وما أروعها وما أرقها
تزكرت فى هذة اللحظة ليلة زفافنا التى لم يكتمل عامين على مرورها
تزركت جمالها وحسنها فى تلك الليلة تزكرت كيف كانت تقف فى تلك الليلة
فى وسط صديقاتها كالقمر وسط النجوم وكيف كان الكل يحسدنى عليها ..
وكنت انا أسعد مخلوق فى الأرض حينها بل كنت أوشك ان اركب أجنحة لأطيـــ ..
ما هذا الذى أفعلة ؟؟ أقف هنا وكوب الماء بيدى وأتزكر الزكريات وحبيبتى عطشى ؟؟
هممت نحو الفراش ولا زال قلبى يرقص فرحاً بأبتسامتها التى أوحشتنى كثيراً
انحنيت ووضعت الماء أمام شفتيها لترشفة .. ولكنها لم تحرك ساكنا !!!!!
أبتلعت ريقى فى حذر ونظرت إلى عينيها فوجت أن علامات الحياة قد فارقتها !!!!!!!!